فن اللامبالاة
فن اللامبالاة: لعيش حياة تخالف المألوف, لكاتبه مارك مانسون، كتاب يرمي بكل مبادئ التنمية البشرية عرض الحائط ويدعو لمواجهة الحقائق المرّة في الحياة! كتاب بمثابة صفعة نحتاجها لنستفيق من وهم الإيجابية المطلقة و التميز الذي غزى مجتمعنا. هذا الكتاب متحصل على 3.49 من 5 على منصة Good Reads
لا تحاول
لا تحاول! لا تحاول أن تغيّر واقعك بتغيير نفسك! لا تحاول أن تكون شخصا لا يشبهك من أجل تحقيق هدف ما! كن أنت وهذا سيكون كاف! مجتمعنا ألقى بنا في جحيم من التصورات الإيجابية! صرنا دائما مطالبين أن نكون أجمل، أغنى، أكثر نجاحا، أكثر شهرة! جل كتب ودورات تنمية الذات تدفعنا لتطوير ذواتنا بالتركيز على ما ينقصنا!
قف أمام المرآة وردد “أنا جميل، أنا ناجح، أنا ثري”… كل يوم تقف لتذكر نفسك أنك فاشل في نظرك! إن كنت راضيا عن نفسك، لن تقف كل يوم أمام المرآة لتذكر نفسك بذلك! العالم كل يوم يذكرك أنك يجب أن تهتم بكل شيء حولك! بكل ما يحدث في العالم! يجب أن تمتلك أكثر! أن تجني مالا أكثر! أن تمتلك أصدقاء أكثر! أن تشتري أشياء لن تحتاجها أكثر! وفي الحقيقة، يجب أن تهتم أقل، أن تهتم فقط بما يستحق إهتمامك!
الحياة كانت ومازالت صعبة، وستقذفك في المشاكل كل يوم! من الطبيعي أن تشعر بالضعف، بالإنهيار، بالقلق، بالإكتئاب، بالحزن أحيانا! ولكننا اليوم، في عالم التكنولوجيا، تمطرنا وسائل التواصل كل ثانية بآلاف الصور والأخبار لأناس تعيش الرفاهية والراحة، مبتسمة، تمتلك الكثير من المال و تشتري آلاف الأشياء اللتي تتمنى شراءها و تزور آلاف الاماكن التي تتمنى زيارتها لدرجة أنك لو شعرت بالحزن لدقائق تظن أن بك خطبا ما وان حياتك تعيسة! و الحقيقة أن العالم سيء وسيظل دائما كذلك! بتقبل هذه الحقيقة، لن تهتم! لن تهتم سوى بما هو حقا مهم! وستفعل المستحيل من أجل ما هو مهم بالنسبة لك!
ستتعلم كيف تتقبل الخسارة وتمضي! كيف تتعايش مع الألم حتى تتجاوزه! كيف تضحك على أحزانك والدموع في عينيك! كيف تثق أنك ستسقط ولكنك ستكون بخير!
فن اللامبالاة
عدم المبالاة لا يعني عدم المبالاة المطلقة! هذا يعني
أن تكون مرتاحًا لكونك مختلفًا
أن تكون شخصا لا مبال بكل شيء يعني أنك غير مسؤول و خائف! خائف من الناس، من أفكارك، من تحمل مسؤولية أفعالك وقراراتك وحتى كلماتك! ولكن أن لا تبال و لا تهتم ببعض الأشياء الغير مهمة بالنسبة لك هو ما يجعلك مختلفا! بل فريدا! أن تواجه المصاعب وتضحك في وجه المصائب في طريقك لتحقيق أهدافك! أن لا تهتم بأي شيء أمام قيمك ومبادئك وأهدافك! إن تنسى مشاعرك، أن تجازف بأن تكون محل سخرية، أن تسقط وتفشل آلاف المرات من أجل ما تؤمن به وما تهتم حقا به! الهدف ليس الهروب بل أن تجد ما يستحق العناء!
كي لا تهتم بالمحن، يجب أن تجد شيئا أهم لتهتم به
إذا كانت حياتك خاوية، فسترى كل مشكلة مهما كانت تافهة كبيرة جدا، وستهتم بها! ستبدد طاقة على أشياء لا تستحق إهتمامك! لذلك كلما كانت أهدافك أسمى و أحلامك أكبر ستتبدد الشدائد أمامها ولن تهتم بها لإن طاقتك وإهتمامك موجه لما هو أهم، أعمق وأسمى!
سواء كنت تدرك ذلك أم لا ، فأنت تختار دائمًا ما تريد أن تهتم به
كل يوم، بل في كل ثانية من كل يوم نختار إن كنا نهتم بشيء ما أم لا نكترث! إن كنا نريد أن نهدر طاقتنا على شيء ما أم لا نريد ذلك! وكلما نضجنا أكثر كلما صارت الأشياء المهمة أكثر وضوحا لنا و زاد إهتمامنا فقط بما هو مهم!
السعادة
السعادة هي المشكل السعادة ليست معادلة قابلة للحل! نظن أننا إذا حققنا حلما ووصلنا إلى هدف أننا سنحصل على السعادة الأبدية! ولكن الحقيقة أنه لا توجد سعادة أبدية! نحن مبرمجون على الطموح إلى ماهو أفضل، إلى الشعور بعدم الإكتفاء وعدم الرضى! هذه البرمجة قد تبدوا لوهلة مشكلة في تركيبتنا ولكنها في الحقيقة ما جعل الإنسانية تتطور وتتقدم، هي ما يجعلنا نميز الصواب والخطأ!
إحساسنا بالألم والفشل هو ما يجعلنا نتعلم! نصبو بلا وعي منا إلى حياة بدون مشاكل بحثا عن السعادة! نصبو إلى ماهو مستحيل، فلا مجال لحياة بلا عقبات، بل وما معنى حياة روتينية بدون مصاعب؟! السعادة تكمن في حل المشاكل من أجل الوصول إلى أهدافنا وتحقيق ذواتنا والدفاع عن مبادئنا وقيمنا!
فقط يجب أن تجد المشاكل أو المصاعب التي تستحق أن تهتم بها! تلك التي تستحق أن تبذل في سبيل حلها جهدك وطاقتك! ما مقدار الألم الذي أنت مستعد لتحمله من أجل بلوغ أهدافك؟! بما أنت مستعد أن تضحي من أجل بلوغ أحلامك؟! الإجابة على هذه الأسئلة هو ما يعرفنا! ما يحدد مصير أحلامنا وهل نحن حقا نملك الرغبة في تحقيقها!
أنت لست مميٌزا
لسنوات إتجه المجتمع عامة إلى غرس فكرة أنّ كل فرد منا مميّز وإستثنائي وسيحقق إنجازات لا مثيل لها! وها نحن اليوم أمام نتاج هذه الفكرة: جيل ممن يظنون أنهم إستثنائيون وفي الحقيقة أن أغلبهم واهمين! جيل يظن كل فرد فيه أنه يستحق معاملة خاصة لأنه مميّز بطريقة أو بأخرى! قد يكون عالمه ينهار حرفيا ولكن إحساسه بالتميز لا يتغير! فإما أنه مميز بإنجازاته أو بمشاكله، المهم أنه مميّز وإستثنائي!
جيل من النرجسيين الواهمين! أغلبنا عاديون ولن نكون إستنثنائيين! لن نحقق إنجازا يغير مجرى التاريخ ولن تخلد أسمائنا… ولكن ما العيب في أن نكون عاديين؟ أينقص ذلك من قيمتنا؟ أيقلل من إنسانيتنا؟ أن تكون عاديا يعني أن تقدر أبسط الأشياء في الحياة، أن تتقبل سلبياتك وتسعى إلى تحسينها وتطوير ذاتك، أن تكون في تغيّر مستمر نحو الأفضل! أن تكون عاديا لا يعني الإستسلام والخضوع، لا يعني أنك سيء، لا يعني أن لا قيمة لك! أن تكون عاديا يعني أن تقوم بدورك كمواطن صالح في المجتمع، أن تقوم بعملك على أكمل وجه، أن تربّي أطفالك تربية قويمة، أن تعيش وفق مبادئ وقيم سوية!
أن تكون عاديا، يعني أن تسعى أن تكون أفضل نسخة من نفسك كل يوم! المشكلة الحقيقية تكمن في أن المجتمع والتكنولوجيا جعلوا الاستثناء يبدو كأنه هو الوضع الطبيعي الجديد!
قيمة المعاناة
الوصول للوعي الذاتي يمر بثلاث مراحل، كل مرحلة أصعب وأشد وطئة في النفس!
المرحلة الاولى: فهم مشاعرنا التعرف على ما يجعلنا نشعر بالفرح، بالحزن، بالغضب
المرحلة الثانية: التساؤل عن سبب شعورنا بما نشعر به هذا التساؤل يسمح لنا بفهم ل نشعر بما نشعر به وبالتالي العمل على تغييره
المرحلة الثالثة: لماذا تعتبر ما تعتبره نجاحا نجاحٌ و ما تعتبره فشلا فشلٌ؟ ماهي معاييرك لتقيييم نفسك والآخريين؟! حين تصل إلى هذه المرحلة صديقي، قل مرحبا للدموع! فلتصل لمرحلة الصدق في الإجابة عن هذه التساؤلات يجب تنبش في ماضيك وحاضرك، في كل ما غرسه فيك المجتمع من أحكام مسبقة وتواجه أكبر مخاوفك! حين تتمكن من الإجابة عن هذه الأسئلة، ستحدد قيمك ومبادئك! قيمك التي تحدد من أنت، مشاكلك، أحاسيسك وحياتك! كل شيء في الحياة مؤقت سوى قيمنا! قيمنا التي من الصعب إن لم يكن من المستحيل أن نتخلى عنها، أو لنأمل على الأقل أننا لن نتخلى أبدا عن الجيد من منها! بتغييرنا لقيمنا ومعاييرنا السيئة تتغير نظرتنا لمشاكلنا وللحياة بصفة عامة وبالتالي تتغيّر محاور إهتمامنا! يذكر الكاتب أربعة قيم و معايير لتقييم الذات و التي يعتبرها الأشد سوءا
المتعة
لا تسلك أبدا طريقا فقط لأنه يبدو ممتعا فالمتعتة تنتهي وتبقى نتائج قراراتك
النجاح المادي
إن كنت تقيس فشلك ونجاحك بما هو مادي (مال، ممتلكات، جمال…) فمن الأفضل ان تراجع نفسك قبل فوات الاوان!
أن تكون دائما على صواب
أنت مخطئ أغلب الوقت وإن كنت تظن أنك دائما على صواب فأنت تحرم نفسك من فرصة التطور والتقدم
الإيجابية الدائمة
الحقيقة أن الحياة سيئة أحيانا، أو غالبا، ومن الصحي الإعتراف بذلك بدل إنكاره والتحلي بإيجابية واهمة. كيف يمكن أن نحدد الجيد والسيء من القيم؟!
الأمر بسيط
القيم الجيدة تكون قائمة على الواقع، بنّاءة إجتماعيا ويمكن السيطرة عليها! القيم السيئة مبنية على الأوهام والخرافات، هدّامة إجتماعيا ولا يمكن السيطرة عليها! أخرج نفسك من المعادلة! أنظر إلى الصورة الأكبر! تجرّد من كل أحكامك المسبقة وإبدأ عملية فرز السيء من الجيد من القيم!
ينهي مارك مانسون كتابه بالتطرق إلى خمس قيم يرى أنها قادرة على تغيير حياة الفرد
أنت دائما تختار
حياتك عبارة عن جملة من الخيارات والقرارات. في كل يوم، بل في كل ثانية من حياتك أنت تختار! تختار مشاكلك، كيف تتجاوب معها! كيف تنظر لها، كيف تتعامل معها، كيف تتجاوزها و مدى أهميتها و تأثيرها عليك! مهما كان المشكل وسواء كنت مخطئا أو وجدت نفسك في مشكل دون إرادتك، أنت دائما مسؤول! مسؤول عن نظرتك للمشكل! عن المعايير التي تقيم بها الوضع وعن كيفية تعاملك في كل موقف!
كلما تحملت مسؤولية كل أفعالك و كل ما حدث و يحدث لك كلما تمكنت من السيطرة أكثر على مجريات حياتك وعلى نوعية المشاكل التي تواجهها. الطريق للإقرار بمسؤوليتك نحو نفسك، ليس سهلا! ستتساءل عن مدى صحة مبادئك وقيمك و ستغير الخاطئ منها! ستشك في كل شيء، ستشعر بالفشل والعجز حين تقيم قراراتك السابقة وستواجه الرفض والتهكم ممن هم حولك ولكنك ستكتشف أن الأمر يستحق العناء
أنت مخطئ بشأن كل شيء
أن تؤمن أنك معصوم من الخطأ يحُد من إمكانية تطورك وتحسيين نفسك! دائما شكك في قراراتك، في معتقداتك وفي رأيتك للحياة فلا يوجد صواب مطلق والشك يقرّبنا فقط من الصواب! كلما سمحت لنفسك أن تقرّ أنك على خطأ كلما سمحت لنفسك أن تتطور، أن تتعلم وأن تحسّن حياتك! إقرارك بخطئك هو إقرار بخطأ في قيمك ومبادئك لذلك فإن الأمر صعب ولكنه مفيد جدا!
الفشل هو الطريق للتقدم
أغلبنا نخشى أن نجرب أشياء جديدة!، أن نسعى لتحقيق أحلامنا! أن نعمل على الوصول إلى أهدافنا خوفا من الفشل! يكبّلنا الخوف فنرضى بأقل مما نستحق! الفشل هو الطريق الوحيد نحو النجاح والتقدم! واجه مخاوفك من أجل أحلامك!
أهمية أن تقول “لا”
قل “لا” لكل ما يتنافى مع قيمك ومبادئك! قل “لا” لكل ما يؤذيك نفسيا ويستنزفك عاطفيا! قل “لا” من أجل بناء علاقات سليمة مبنية على الثقة والصدق! قل “لا” لكل ما يتنافى مع هويتك! أرسم حدودا في تعاملك مع الجميع، و لا تقل “نعم” حين تريد حقا أن تقول “لا” من أجل إرضاء الناس!
…ثم تموت
الموت هو الحقيقة الواحدة.! كلنا سنموت يوما ما! لكن هل كنا شجعانا كفاية لنحيى؟! مالأثر الذي سنتركه في الحياة أمام الفناء المحقق؟! نتجنب التطرق إلى الموت لأنه يضع كل ما نحن عليه، كل قيمنا ومبادئنا أمام الإختبار الأهم: أيستحق كل هذا أن نعيش من أجله؟! بل أيستحق الموت من أجله؟! أهذا إرثنا وأثرنا الذي نريد أن نخلفه وراءنا؟! حين نتقبل فكرة الموت المحقق، حين تتبدد مخاونا من الموت، حينها فقط سنحيى