قوة الآن

قوة الآن
انقل تركيزك إلى هنا و الآن فهذه هي الحقيقة الوحيدة و هذه هي الحياة فعلا

كم من الوقت نقضي في التفكير و التخطيط للمستقبل! و كم من الوقت نقضي في إسترجاع الماضي و الندم على ما فات! لا شك أنه و لو بتفاوت يبقى كثيرا.. و لكن ما هو الوقت؟! ما هو الزمن ؟!
يرى الكاتب “إيكارت تول” أن الوقت ليس سوى خدعة! فكرة استنبطها الإنسان و عظّمها حتى أسرته لتحرمه الحقيقة الوحيدة و التي تكمن في اللحظة الراهنة! السر يكمن في قوة الآن: هذا الكتاب المتحصل على 4.14/5 على منصة GoodReads

قوة الآن بين الماضي والحاضر والمستقبل

يهدر المرء ساعات في التفكير في ما مضى! و في الغالب يصاحب تفكيره الكثير من الندم! فيتمنى لو قال غير ما قال أو فعل غير ما فعل، يجهد عقله بالتساؤل عن ماذا لو و ماذا إن! حتى يخلق محفزات سرعان ما تُستفز بسماع كلمة أو رؤية شخص أو حتى المرور بمكان ما! هكذا يصنع الإنسان لنفسه عالما افتراضيا موازيا يستدرجه بين الحين والآخر ليسلبه بعضا من ما لا يُعوّض فهو بعض من عمره

قد نؤيد هذه الفكرة و ننظر لهذا الشخص الغارق في الماضي نظرة شفقة و نقول “شخص سلبي” الماضي مر و لن يعود لكن المستقبل هو الأمل.. في المرة القادمة سأفعل كذا وكذا و سأقول كذا و كذا لكن ماذا لو حدث كذا لا بد أن أستعد.. لا تغرنّك الكلمات المنمقة يا صديقي، فكلاكما تائه في زمان غير الزمان و كلاكما مُفرّط في بعض من عمره و لعله الكثير

ماذا إذا؟! إنها “الآن”! الآن حيث القيادة و القرار و القدرة على التنفيذ! الآن حيث الحضور و الاستشعار! الآن هي الحقيقة التي تبني مستقبلا مختلفا، لن يكون ماض كغيره.. الآن هي الحياة

طبعا العودة للماضي للتقييم ضرورية و التطلع للمستقبل للإستشراف أساسية لكن المبالغة تعني اجترار المشاعر التي غالبا ما يكون مصدرها الندم أو الحزن.. و المبالغة في العيش في المستقبل تحول الأهداف لأحلام ستبقى أحلاما للأبد ما لم تعد إلى الآن و تبدأ في الإنجاز

سحر الحضور

ما إن يحول الإنسان تركيزه إلى “الآن” حتى يدخل في مرحلة التنوير! و هي حالة من الحضور تصاحبك لتستشعر ما حولك، لتستشعر كلماتك، لتستشعر ردات فعلك.. هل سبق و أنصت لصوت جسمك يطلب نوعا من الغذاء؟ هل سبق و لاحظت نبرات صوتك خلال نقاش ما؟ هل سبق و تجاوزت خلافا كبيرا بابتسامة فيها حب؟ إن كنت قد فعلت فاعلم أنك قد تذوقت جمال الحضور.. حاول على مدار اليوم أن تعيد تركيزك في كل مرة إلى الآن.. اجعل من تفاصيل يومك ممارسات روحية فتضفي عليها القيمة و تزيد من توازنك و انسجامك

من أجل ذلك، اسمح لي، صديقي، أن أقدم لك بعض المفاتيح التي تُعيدك إلى الآن

التنفس

كلما شعرت بالارتباك، عد بتركيزك إلى التنفس.. راقب أنفاسك بهدوء و بطء و ستشعر تلقائيا بالاتزان

التقبل

تقبل مشاعرك و لا تحاول طمسها.. فقط راقب أثرها عليك.. اسمح لنفسك باستقبال رسالتها فالمشاعر لغة الجسد و الروح.. انتبه لصوت قلبك

التوقف عن الأحكام

: ليس صدفة أن إصدار الأحكام منبوذ في كل الديانات و التوجهات الفكرية التنويرية.. راقب نفسك و توقف كلما وجدت نفسك في موضع إصدار للأحكام ليس فقط شفويا بل حتى قلبيا.. تعلم أن تتقبل الجميع و تحترم إنسانية الإنسان بغظ النظر عن سلوكاته

أخيرا، قد يبدو الأمر صعبا أو معقدا لكنه بعكس ذلك ممتع جدا و يستحق المحاولة و المثابرة و التكرار حتى يصبح عادة.. و ستجد نفسك بمرور الوقت تزداد جمالا و نشاطا و انطلاقا فأنت لا تثقل قلبك بالتفكير المؤلم و ليكن الأطفال قدوتك في هذا.. انظر إليهم، لا شيء يعكر صفوهم أو يأخذ مساحة أكبر مما يستحق..
انقل تركيزك إلى هنا و الآن فهذه هي الحقيقة الوحيدة و هذه هي الحياة فعلا..

You may also like...

Share88