أربعون 40
أربعون ليس كتابا تقليديا يناقش فكرة بعينها و يتعمق فيها على مدار الصفحات! و لكنه مجموعة من المقالات لخصت رؤية كاتبه أحمد الشقيري لنفسه و الدنيا و المجتمع! هذا الكتاب المتحصل على 4.07/5 على منصة Goodreads و الذي خُصِّصت أرباحه لوقف خيري هو نتاج رؤية الشقيري للحياة و الإنسان.. من أجل ذلك سنقدم في ألوان أهم ما يمكن استخراجه من هذا الكتاب..
أربعون يوما من الخلوة
أصبحنا اليوم نعيش ضجيجا عظيما وسط كل وسائل الإتصال المتطورة و التكنولوجيا الحديثة! فبقدر ما تُسهل و تحسن جودة الحياة بقدر ما تصنع تعلقا شديدا بها قد يتحول أحيانا إلى سجن! حيث يصبح المرء عاجزا عن كف نظره عن جهاز هاتفه الصغير أو التوقف عن التجول بين صفحات وسائل التواصل الاجتماعي بدون غاية محددة، في أغلب الأوقات، فقط من أجل قتل الفراغ! كل هذا يجعل الإنسان مُشوَّشا و بعيدا عن ذاته!
من أجل ذلك إختار أحمد الشقيري الابتعاد عن كل هذا الضجيج و الاختلاء بنفسه! ليقف وقفة صادقة معها فيُقيِّم ما مضى من عمره و يضع خطةً لما هو قادم..
لم يكن إختيار عدد الأربعين جزافا و قد شرح الكاتب ذلك معتمدا على قيمة العزلة لأربعين يوما في التاريخ الديني و كيف ارتبط هذا العدد بالمعجزات.. غير أن العزلة ضرورة أساسية في حياة الإنسان و لو لدقائق معدودة في اليوم يوقف فيها سيل الأفكار و يعيش فيها لحظات من الصفاء! و إن كان أربعون عددا كبيرا فلا ضير من أن يحاول الإنسان اعتزال التلفاز و الهاتف و وسائل التواصل و الأخبار ليوم أو يومين و سيلاحظ حتما اختلافا كبيرا في المزاج و شعورا غامرا بالحرية..
أربعون يوما من التفكر
صحيح أن العيش في الماضي هدر للحظة الراهنة و صحيح أن الندم على ما فات غير كاف أبدا لتحسين جودة الحياة لكن لحظات صدق مع النفس ضرورة لا بد منها.. بدون ذلك لن يضع المرء إصبعه على الدَّاء أبدا و لن يسلك طريق النجاة.. الوقوف مع النفس يساعدنا على استخراج معتقداتنا و أفكارنا. و هذا ليس على الصعيد الروحاني فقط بل على كل الأصعدة.. أفكارنا عن أجسامنا، عن صحتنا، عن العلاقات، عن المال و الأعمال، عن المجتمع و الناس عن الكون!
قد تستحضر موقفا حصل في سنوات الطفولة الأولى رسَّخ قناعة في داخلك كنت تجهلها لكنها تتحكَّم بك.. فإن كان أصحابك في المدرسة يضحكون من شكل أسنانك فستحاول دائما إخفائها إذا ما ضحكت، و إذا تربَّيت في أسرة تحسد الأغنياء فستكره المال ما حييت و تكرر عبارات من قبيل “المال لا يصنع السعادة” و غيرها كثير.. إذا كبرتِ و أنت تنتظرين فارس الأحلام فلن يكون لكِ كيان مستقل أبدا و لن تجدي قيمتك إلا عندما يأتي فارس الأحلام الذي لن يأتي أبدا.. ذلك أنك تحتاجين بناء نفسِك أولا لتستحقي رجلا نبيلا يشاركك رحلتك.. المهم كلما إجتهد المرء في إكتشاف معتقداته و عُقده النفسية كلما سهُل عليه معالجتها و تطويرها و التحسين منها و كل هذا لا يحتاج أكثر من الصّدق..
العادات في حياة الإنسان
لكل منا عاداته الخاصة التي تشكل حياته.. عادات في الأكل في النوم في الإستماع في الحديث في العمل في الرياضة… و هذه العادات هي التي تصنع الفارق بين الإنسان الناجح و ما دونه.. إذا تأملت عادات الناجحين ستجدها متقاربة جدا.. اهتمام بجودة الحياة من نوم و حركة و طعام، انضباط مع النفس و تحديد للأولويات.. رؤية و أهداف واضحة المعالم.. و غير ذلك كثير فماهي عاداتك؟ ماذا تفعل في الصباح؟ هل تبدء يومك بالحمد و الامتنان على النعم أم تبدؤه بتصفح الفايس بوك مثلا؟! قبل النوم، هل تختار أن تفكر في أهدافك و تنتظر يوما يملؤه الإنجاز أم تترك نفسك أمام التلفاز لتنام على ضوضاء و أضواء و رسائل يبثها لك بدون انتقاء؟ انتبه! و إن كنت نائما، عقلك الباطن لا ينام و هو يلتقط كل ما حولك و يتعامل مع كل الرسائل بنفس الأمانة مُعتبرا إياها رسائل منك أنت
يطول الحديث في هذا الموضوع لذلك أدعوك للإطلاع على قوة عقلك الباطن الذي تطرقنا لها مرارا على ألوان
نعود للعادات، العادة صعبة التكوين تحتاج صبرا و مثابرة و انضباطا لكنها سرعان ما تتحول إلى إدمان لذلك يختار الحكيم عاداته بدقة و يسعى جاهدا لتكوين عادة تلو العادة فالعادة الإيجابية تمحو العادة السلبية و بإدمان تبني العادات ستجد نفسك في ارتقاء مستمر و متواصل..
قصة حياتك تؤلفها عاداتك، غيِّر عاداتك لتغيِّر القصة
40 أربعون
القراءة ضرورة و ليست رفاهية
ليس القراءة أبدا من الكماليات بالعكس القراءة ضرورة تنمي العقل و تغذي الروح و تجعل من المرء أكثر انفتاحا و أشد استعدادا للتطور و التحسين.. اجعل القراءة من أولى أولوياتك و ستلاحظ سريعا أثرها في نفسك و روحك و عقلك.. تعود على القراءة و التفكير و التحليل فلست مجبرا على تبني ما تقرأ و لكنك بالقراءة ستزيد يقينا بما تؤمن.. لن تندم أبدا إذا ما جعلت القراءة ركنا أساسيا من أركان حياتك..
خصص وقتاً يومياً مقدساً للقراءة، احجب فيه نفسك عن العالم
40 أربعون
النفس و المغريات
لا تتوقع أن تكون طريقك للإحسان سهلة يسيرة! على العكس تماما فإذا قررت إتباع نظام أكل صحي سيستهزؤ بك الجميع و يسعون جاهدين لإثنائك عن عزمك! و إذا قررت الإنسحاب من الجلسات المسائية من أجل قراءة كتاب فسيتهمونك بالكِبر! و مهما كان القرار الذي ستتخذه و يجعلك مختلفا عنهم فسيحاولون جاهدين إثناءك عنه! ذلك أن منطقة ارتياح الجماهير فيما تعودت عليه و تربت عليه لسنوات و سنوات! لا تتأثر! تسلح بالعلم و العزم و توكل على الله و امضي قدما في طريقك! سيضحكون عليك أو يغضبون منك! لكن سرعان ما سيسألونك فيما بعد ماذا فعلت و كيف وصلت و لن يصل إلا الصادقون!
العبيد ثلاثة: عبد لشهوة الجسد وعبد لرأي الناس وعبد لخالق الجسد والناس
40 أربعون
أربعون و التحديات
جدد حياتك دائما، تعلم التفويض لتستغل وقتك في الأهم من الأعمال! هل جربت تفويض بعضٍ من أعمالك؟! اختبر علاقاتك فليس كل صاحب صديق! هل جربت أن وضعت صديقا في اختبار؟! حسِّن من جودة ما تقدم كل يوم و قارن يومك بأمسك لتكون اليوم أفضل من الأمس!
أربعون كتاب ليس من الكتب المألوفة و لكنه حتما كتاب يغير نظرتك للحياة بشكل جذري! إذ أنك تستشعر صدق الكاتب في كل كلماته.. هذا الصدق الذي منبعه التجربة الحقيقية وليس أبداً من النظريات
“هل تبدء يومك بالحمد و الامتنان على النعم أم تبدؤه بتصفح الفايس بوك مثلا؟! قبل النوم، هل تختار أن تفكر في أهدافك و تنتظر يوما يملؤه الإنجاز أم تترك نفسك أمام التلفاز لتنام على ضوضاء و أضواء و رسائل يبثها لك بدون انتقاء؟” هذا أنا 😅 فايسبوك الصباح وفيلم في الليل 🤣
أجمل ما في الكتاب أنه مستمد من تجربة شخصية 😉 يعطي الكثير من الأمل في التغيير 😉
صحيح.. و أكثر من ذلك الصدق.. أبهرتني قدرته في مواجهة أخطائه و نقاط ضعفه و تواضعه الشديد في تقديم تجربته الغنية.. كتاب جميل جدا 💚
درجة من الصدق لا يستطيع أن يصل لها سوى من هو متصالح مع نفسه وماضيه…