حضور الأبوة

حضور الأبوة: تربية الأبناء بوعي
كن أفضل ما تستطيع و اسمح له أن يكون أفضل ما يستطيع كما يحب أن يكون

لعلك تخوض التجربة التربوية بدون سابق تأهيل أو تعلم! لتجد نفسك في أحيان كثيرة غير راض عن أدائك فتدخل في حالة من التأنيب و الحيرة و التشتت..
دعني أطمئنك أولا أنك لست الوحيد الذي مررت بمثل هذا الإضطراب! و لتطمئن أكثر، تيقن من أن رحلة التربية ليست من أجل إنشاء طفل سليم واع و حسب! بل و من أجل ولادة نسخة جديدة منك أكثر رحمة و حكمة و اتزانا.

لذلك فإن تربية الأبناء بوعي هي سبيلك للرضا

من أجل ذلك سنخوض سوياً في هذا الكتاب لصاحبته  سوزان ستفيلمان و بمقدمة إيكهارت تول! و المتحصل على 4.18 /5 على منصة  goodReads.

أساسيات العلاقة مع طفلي

نحن عندما نربي أبناءنا إنما نستمد منهم الإلهام لنخرج أحسن ما فينا! و نطور من مهاراتنا في توجيه أنفسنا و مراقبة تفاعلاتنا و ردات أفعالنا! لعلنا لا نضيف لأبنائنا أكثر مما يضيفه أبناؤنا لنا! لهذا اسمح لي أن ألفت إنتباهك لبعض النقاط الواجب مراعاتها في تربية الأبناء بوعي

طفلي ليس ملكي

هذا الكائن الصغير له قدسية عظمى! صحيح أنه يحمل اسمي، لكن ليس عليه أن يحمل أفكاري و طباعي و رغباتي! أن تتبنى هذا المبدأ يعني أن تدعم ابنك على التفكير المستقل! و أن تشجعه ليكون هو لا أن يكون نسخة منك

النظرة الإيجابية

لا أحد ينكر المجهود البدني و النفسي الذي يبذله المربي! لكن نظرتك للأمور قد تؤثر على أدائك! تخيل معي الفرق بين المرضع التي تتذمر من سهرالليالي الباردة الطويلة! و المرضع التي تستشعر عظمة تلك اللحظات المقدسة! حيث يستمد كائن صغير منها الأمان و الحب قبل أن يستمد منها الصحة و الغذاء.

لعل شدة العناء تنسيك أحيانا بأن أطفالك هم ضيوف معاد استقلالهم عنك قادم لا محالة! فحاول أن تستثمر ما استطعت من أجل حفر ذكريات تكون لك بلسما في المستقبل و مصدر سعادة لأبنائك..

تقبل إنسانيتك

عزيزي المربي، تذكر أنك إنسان له أن يخطئ! لا تحزن و لا تجلد نفسك بسبب أعمال تمنيت لو أنك لم تقم بها! أو تمنيت لو أنك قمت بها من أجل أطفالك! ما كان قد كان و ما سيكون هو ما يتطلب منك التركيز و الاجتهاد..

ساعد نفسك بمشاركة تجاربك مع آباء آخرين و قراءة تجارب أخرى! ابحث عن وسائل جديدة صحية تتعامل بها مع أطفالك، تحلى بالصبر و اطمئن.. من المؤكد أن سعيك سوف يُرى..

أهم تقنيات تربية الأبناء بوعي

الآن و قد قررت أن تبدأ من جديد! أرجو أن لا ترفع من سقف توقعاتك و تتأمل تغييرا رهيبا بين ليلة و ضحاها! سيتطلب ذلك وقتا لا محالة و سيتغير هذا الوقت بحسب اجتهادك و صبرك من ناحية و بسبب جاهزية ابنك من ناحية أخرى! ولنقل أن هذا أيضا نسبي يتأثر بالعمر، بالجنس، بعمق ما قد حفر في طفلك

لا تهتم! فقط كن على يقين أن الوقت دائما مناسب! اسمح لي أن أقترح عليك بعض الإشارات التي قد تضعك في أول طريق الأبوة الفعالة

الحضور

و هو أن يعيش اللحظة بكل تفاصيلها! علمه أن يستمتع بالعرض الموسيقي بدلا من تصويره ليشاركه مع أحدهم! علمه أن ينظر إليك و يستمع إليك وقت الحديث بدلا أن يمسك جهازه الرقمي ليتجول بين الألعاب أو أي شيء! علمه أن يراقب نفسه وقت الطعام بدل أن يملأ الوعاء مسرعا مشغولا بمسلسل كرتوني! علمه أن يعيش كل لحظة بكل جوارحه فلا يأتي عليه يوم يخيل إليه أنه قد استيقظ فجأة من غيبوبة طويلة..

التعبير

هل تعلم أن أفضع ما قد يواجه المرء هو العجز عن التعبير؟! ماذا أشعر؟ هل أشعر بالجوع أم بالملل؟! هل أشعر بالغضب أم بالحزن؟! هل أنا هادئ أم بارد؟! هل أنا محب أم متعود؟! ساعد طفلك على فهم مشاعره و اجعله يعبر عنها بقوة و ثقة! أنصت إليه و اسمح لكلماته المبعثرة بشق طريقها إلى قلبك! أنصت إليه و افهم ما الذي يفرحه أو يحزنه أو يغضبه أو يحمسه! أنصت إلى تفاصيله الصغيرة فهي بالنسبة له عظيمة! اطرح عليه سؤالا من قبيل “بماذا تشعر؟” علمه أن لمشاعره أولوية قصوى..

الامتنان

اجعل لكم طقوسا خاصة بالامتنان! علم طفلك التفطن للنعم التي تحيط به و اجعله يمتن لها! علمه الامتنان لجسده بكل تفاصيله، لعينين يرى بهما العالم، لأذنين يستمع بهما للكون.. لقلب يجعله يشعر بالحب

تدرج معه بحسب عمره و اجعله يمتن لنفسه! لإصراره على إنهاء التمرين رغم التعب! لصبره و انتظار موعد العشاء رغم جوعه! اجعله يمتن للمعلمين و الأصدقاء، للشجر و الشمس و العصافير! اجعله يمتن للكون

!سيجعله هذا منه شخصا سعيدا فخورا بما لديه! عدى أنه سيكوِّن عادة صحية و فعالة للمستقبل ألا و هي الإمتنان! شارك طفلك طقوس الامتنان ليتعلم أن الكبار كما الصغار في حاجة للتدريب و العمل المستمر من أجل الشعور بالسعادة و المحافظة عليها

كن خير قدوة

تفاصيل كثيرة أخرى يمكن تعدادها! لكن الأهم أن تكون عزيزي المربي خير قدوة لابنك! ضع هاتفك جانبا عندما تتحدث إليه! كن حاضرا بكل جوارحك و اجعله يشعر بأهمية ذلك بالنسبة إليه! إعتذر منه إن أخطأت.. تشاور معه و ناقشه الرأي

التزم بالقواعد التي تفرضها عليه! كن لطيفا، ودودا محبا للجميع! اجعله يرى منك أفضل ما فيك لأنه ببساطة سيقلد ما تفعل لا ما تقول

و أخيرا، تذكر يا صديقي أن مهمتك الأسمى إنشاء شخص سعيد! واعي، متأمل، شاكر، متطور و متجدد و ليس مطلوبا منك أبدا إنتاج طبيب أو مهندس أو فلاح

كن أفضل ما تستطيع و اسمح له أن يكون أفضل ما يستطيع كما يحب أن يكون

نحن نعرف أنه لشيء مهم أن نمارس موقف الامتنان و أنه من الحكمة أن نعيش اللحظة و لكن وضع هذا الأمر موضع التطبيق هو المشكلة التي تواجهنا

حضور الأبوة

You may also like...

Share40