أنا المسؤول

أنا المسؤول

أنا المسؤول هو الشعار الأكبر الذي يرفعه كل سائر في طريق التطوير! فما هي حدود مسؤوليته؟! و ماهي تبعات هذا الشعار؟! و لماذا هو بداية الطريق ؟! مفهوم جديد نناقشه سويا في فقرة مفاهيم على ألوان 

أنا المسؤول .. إعتراف وإقرار 

أعتقد أن هذا الإعتراف هو إمتنان ضمني لواحد من أعظم تجليات التكريم التي كرمنا بها الله سبحانه و تعالى! ألا و هو حرية الإختيار! صحيح أنه من الصعب على الواحد منا بأن يُقر بأنه المخطىء! لكنه من جهة أخرى تفجير للقوة الكامنة فيه! فإذا كان مسؤولا عن واقعه الذي وصل إليه! فإنه قادر على تحقيق واقع جديد يتوافق مع اختياراته الجديدة..

و إذا كانت الغاية الأسمى من رحلة التطوير هي إستحقاق الخلافة التي حمّلنا إياها الله فإن الإقرار بالمسؤولية هي سمة الفاعلين التي لا بد و أن يتحلى بها كل سائر في هذه الطريق..

ما هي حدود المسؤولية؟ 

أنا المسؤول عن مشاعري تعني أنني قمت باختيارات جعلتني أستحق مشاعرا معينة! و لا تعني أبدا أنني لن أعيش مختلف المشاعر التي يعيشها كل البشر.

أنا المسؤول عن علاقاتي تعني أنني أنا الذي سيقوم بخطوات! و أُعدِّل سلوكات لأستحق تعاملا لم أتعود به من قبل.

أنا المسؤول عن وضعي المادي تعني أنني أنا الذي سيفكر كيف يحسن وضعه! و يزيد من جودة ما يقدمه ليستحق مداخيلا أكثر.

أنا المسؤول تعني أنني سأقدم على خطوات لأصلح شيئا ما في داخلي أنا لأستحق نتائج أفضل مما استحقيته من قبل.

أنا المسؤول تعني أنني سأحاول أن أتوافق مع سنن الله في الكون لأتناغم معها و أحقق ما أرنو إليه.

أنا المسؤول تعني أنني سأحاول بطريقة جديدة! و أبحث عن وسائل جديدة لم أختبرها من قبل..

هل تتفق معي أن هذا اليقين هو وقوف في أول الطريق! و ليست عصا سحرية تجعلك إنسانا جديدا بين ليلة و ضحاها ؟! صحيح أن الحماس سيعطيك دفعة جيدة في البداية! لكن اليقين هو الذي سيجعلك تستمر.. 

أنا المسؤول .. ثم ماذا ؟

الآن بعد أن أعلنت مسؤوليّتي عن كل ما أعيشه لا بُد و أن أتدرب على بعض المهارات التي ستكون عُدة الطريق بالنسبة لي

القبول

القبول يعني الخروج من دائرة الرفض و السخط! صحيح أن في واقعي أمور كثيرة لا تعجبني! و لكن قبولها يعني التصالح مع نسختي التي استحقت وجودها! و جمال القبول يكمن في توسعه! ففي الوقت الذي أتعلم فيه قبول نفسي و أخطائي و مواطن ضعفي، سأجد نفسي أقبل غيري بأخطائهم و مواطن ضعفهم! القبول هو طريق الرحمة! رحمة النفس و الآخرين

التدرج 

نستطيع أن نستشهد بشخص يود أن يُنقص من وزنه! في الغالب فإن الشخص الذي ينجح في إنقاص وزنه هو شخص لا يهتم بالوقت! و لا يحاول الوصول لنصف وزنه خلال أسبوعين! هو يعرف أنه استغرق سنوات ليصل لهذا الوزن و من الطبيعي أن يحتاج إصلاح الأمر شهورا على الأقل.

التدرج هو سنة الخلق.

يحتاج الجنين في بطن أمه تسعة أشهر ليجهز لرحلته في الأرض! في حين أن الله سبحانه قادر أن يُجهّزه في لحظات إن أراد ذلك.

و تحتاج الشجرة لدورة كاملة حتى تُثمر! في حين أن الله سبحانه قادر أن يخلق الأشجار مُثمرة في كل وقت إن أراد ذلك.

الكون نفسه خُلق في ستة أيام! في حين أن الله سبحانه قادر على خلقه في لحظات إن أراد ذلك..

لذلك فإن أراد الواحد منا الإستمرار فعليه أن يتناغم مع سنة التدرج! و يضع خطوات صغيرة! هذه الخطوات بتراكمها تحقق أهدافا كبيرة

المراقبة 

أعتقد أن المراقبة هي مفتاح المفاتيح! وأنها المعنى الحقيقي للحضور! فبمراقبة ردات فعلي و مشاعري أستطيع فهم معتقداتي الدفينة و العمل عليها! و بمراقبة سلوكاتي و عاداتي أستطيع إدارة وقتي و اختيار ما أُنفق فيه عمري! و بمراقبة واقعي أستطيع تقييم تقدمي في اتجاه نسختي الأعلى.

يُقال في الأثر: “الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا” و أظن النيام هم المُغيِّبُون للمراقبة! فتجد أحدنا يأكل دون أن يُميز نكهة ما أكل أو مقدار ما أكل! و تجد الآخر ينتبه و قد صار عمر طفله عشرين عاما! و لا يجد في ذاكرته الشيء الكثير عن تفاصيل كل هذه السنين! بين منغمس في أخبار الناس! و مهوس بمواقع التواصل الاجتماعي! ينفق أناس كثر ساعات طويلة من أعمارهم كل يوم! من أجل كل هذا فإن المراقبة هي مفتاح الحضور

الإمتنان

الإمتنان سلاح غني عن التعريف! ستجده مذكورا في أغلب الكتب المقدمة على ألوان! و لعل من أبلغ من تحدث عنه، الجميلة لويز ل.هاي! و الإمتنان باختصار هو تقدير للنعم التي تحيط بنا! و كلما دخلنا أكثر في التفاصيل كلما زاد شعور الإمتنان و الرضا..

و لنضرب مثلا على ذلك! الإمتنان على نعمة الصحة! كم من المال تستطيع قبوله مُقابل نعمة البصر ؟! نعمة السمع ؟! الكلام؟! الحركة ؟! اليدين ؟! التنفس ؟! النوم؟! الأكل ؟! عمل القلب ؟! عمل الجهاز الهضمي ؟! الجهاز العصبي ؟!

نستطيع أن نُفصل أكثر في كل نعمة من هذه النعم! فهل شكرت الله اليوم على حفظها عليك؟!

الإمتنان أسلوب حياة! يرفع من ذبذباتك و يجعلك ممتلئا بمشاعر الغنى و الإكتفاء! و لن تحتاج لوعد أصدق من قول الله تعالى:

وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ

سورة إبراهيم ـ الآية 7

فاشكر الله على فضله و أرفق شكر لسانك بالعمل! فهذا هو الشكر الحقيقي

أدعوك في هذا الإطار للإطلاع على كتاب لكنود على مكتبة ألوان

أنا المسؤول 

في الختام، أريد أن أذكر نفسي و إياك، صديقي القارئ، أن أنا المسؤول لا يجب أن تكون مجرد شعار! بل أسلوب حياة و يقين مزروع فيك و يحركك في كل حين! و أحب أن أستشهد بهذا التوكيد العظيم من كتاب رحلة عشق للجميلة منية الجلاصي! أعلنها الآن:

أنا أتحمل مسؤولية حياتي و أفكاري و مشاعري و ردّات أفعالي..

رحلة عشقمنية الجلاصي

لا تستهن بما يمكنك الوصول إليه بمجرد إقرارك بهذه الحقيقة! و أذكرك بمقولة الإمام علي بن أبي طالب

و تحسب أنك جرم صغير

و فيك انطوى العالم الأكبر

داؤك منك و ما تُبصر

دواؤك فيك و ما تشعر 

الإمام علي بن أبي طالب

You may also like...

Share